حوار \ كمال سلطان
تصوير \ أحمد عوض
يحمل المخرج المسرحي الكبير أحمد عبد الحليم تاريخا حافلا فوق كتفيه سواء كمخرج مسرحي متميز قدم العديد من العروض الناجحة مثل "الملك لير" , "مأساة الحلاج" , "جواز على ورقة طلاق" و "ملك يبحث عن وظيفة" , أو كممثل شارك في العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية يظل أبرزها تصديه لبطولة فيلم "يوميات نائب في الأرياف" إخراج توفيق صالح , كما أنه شغل عددا من المناصب الإدارية حيث عمل مديرا لمسرح الطليعة في بداية السبعينات ومديرا للمسرح القومي في أوائل التسعينات وكذلك أستاذا بالمعهد العالي للفنون المسرحية .
ومن إنتاج المسرح القومي يقف حاليا على مسرح ميامى ليخرج العرض المسرحي المتميز "بلقيس" الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن ويقوم ببطولته رغدة وأحمد سلامة ومفيد عاشور واحمد عبد الوارث وصبري عبد المنعم .
وفى هذا الحوار يفتح لنا الدكتور أحمد عبد الحليم قلبه وعقله ليحدثنا عن عرض بلقيس وأشياء أخرى .
عرض بلقيس أخذ ستة أعوام كاملة حتى خرج إلى النور , فمال هي أبرز العقبات التي واجهتك خلال تلك الفترة ؟
العرض بالفعل أخذ ستة أعوام حتى استطعنا عرضه وأزعم أن هذا العرض ينتمي إلى تلك النوعية من العروض التي تحتاج إلى مخرج من نوع خاص يتفهم النص خاصة وأنه لكاتب متميز هو الأستاذ محفوظ عبد الرحمن الذي جلست معه لمناقشته في بعض النقاط المتعلقة بالنص والحقيقة انه كان متفهما واستجاب لما أبديته من ملاحظات وتفاهمنا على الخطوط العريضة للمسرحية والحقيقة أن الاختيار يكون نوع من التحدي بيني وبين نفسي في تقديم عرض يناسب كل الشرائح وليس لفئة محددة من الناس لأن هذا هو عملي الذي أفهمه جيدا ويشهد على ذلك مسرحياتي العديدة والتي كان آخرها "الملك لير" والذي استمر يعرض على خشبة مسرح الدولة لستة أعوام , وقد لمست بنفسي في عرض "بلقيس" ردود أفعال الجمهور الذي شاهد العرض فهناك مجموعة من الناس البسطاء ابدوا لي سعادتهم الكبيرة بالعرض وكذلك المثقفين أيضا وأنا أتمنى ألا ينتهي عرض تلك المسرحية قبل أن يشاهدها كل الشعب المصري .
هل ترى أن العرض تعرض للظلم ولم يأخذ حقه إعلاميا بسبب عرضه بعد ثورة 25 يناير مباشرة ؟
لا شك أن الفترة التي نمر بها حاليا بعد الثورة المباركة وكذلك دخولنا على مشارف الامتحانات قد أثرت على نسبة التجاوب الجماهيري مع العرض ومن محاسن الصدف أن هذا العرض هو إرهاصة لثورة 25 يناير , فأنا بصفتي واحدا من الشعب المصري كنت ألمس عن قرب المعاناة التي يعانيها الناس في كل مكان لكننا لم نكن نستطيع التعبير عن ضيقنا من هذا الظلم وذلك على الرغم من وجود هامش من الحرية وهو ما أعطانا الفرصة للتعبير عن غضبنا من خلال بعض الأعمال الفنية , وبلقيس هو العمل الفني الذي حدث بينه وبين الثورة نقطة تلاق ويتبين ذلك من خلال بلقيس ورحلتها في التيه وعودتها من الرحلة بشعارات قوية وأفكار مختلفة .
رأى بعض النقاد أن الفنانة رغدة بطلة العرض غير مناسبة للدور من الناحية العمرية , فما تعليقك؟
المسرح غير مرتبط بالسن فلو كنا نقدم بلقيس في التلفزيون أو السينما فلن أختلف معك في ذلك , أضف إلى ذلك أن الفنانة رغدة بتمكنها من الأداء وبقامتها الممشوقة ولغتها العربية الدقيقة مناسبة جدا للدور ولديها إحساس واهتمام بتلك النوعية من الأدوار وأضرب لك مثلا بفاطمة رشدي في مصر وسارة برنار في المسرح الفرنسي فقد كانت تقدم أدوار مختلفة تماما عن سنها في أواخر أيامها على المسرح وكانت تعطى من إحساسها بأبعاد الدور ما يقنعك بأنها مناسبة تماما للدور وهذا الأمر ينطبق على رغدة ولولا أننا نعرفها ونعرف سنها الحقيقي لما انتبه احد إلى تلك النقطة فهي على المسرح لا يبدو عليها مسألة السن هذه وأنا أرى أنها أنسب ممثلة لذلك الدور .
لكن ترشيحك الأول كان للفنانة غادة عبد الرازق لتلعب دور بلقيس ؟
غادة لم تكن ترشيحي وإنما كان اقتراح من الدكتور أشرف زكى رئيس البيت الفني السابق وأنال لا أعتقد أن غادة يمكن أن تترك مسلسل "سمارة" التي حصلت فيه على أجر عشرة ملايين لتعمل في مسرح الدولة المعروف بقلة أجوره .
ما سر استبعاد بعض الفنانين من بطولة العرض بعد الاستقرار عليهم ومشاركتهم في البروفات مثل الفنانة سميرة عبد العزيز والفنان أحمد فؤاد سليم ؟ أحمد فؤاد سليم اعتذر وكذلك سميرة عبد العزيز التي كانت الترشيح الأول لدور الأم فرشحت جليلة محمود واعتذرت أيضا فرشحت نيرمين كمال التى اضطررت لاستبعادها بسبب عدم التزامها بمواعيد البروفات .
ولكن الفنانة نيرمين كمال صرحت بأنها تركت العرض بسبب تجاوزات الفنانة رغدة أثناء البروفات ؟
هذا كذب وافتراء , وغير حقيقي بالمرة فنيرمين كانت دائما ما تحضر متأخرة جدا عن مواعيدها وكانت تتغيب بدون حتى أن تكلف نفسها بالاتصال بى رغم أنني أكون في انتظارها مع جميع فناني العرض , وأعتقد أنها تصورت أن منصبها كنائب لمدير المسرح القومي يمكن أن يعطيها الحق في ذلك .
درست الإخراج في لندن , فما الذي ينقص المسرح المصري ليصل إلى نفس المستوى لشكل المسارح العالمية؟ المسألة تحتاج إلى تضافر كل الجهود ليتحقق ذلك وأول شيء يجب أن يحدث هو أن يتم تنشيط الحركة المسرحية المدرسية وتحديد منهج دراسي منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة بصورة مبسطة مما يساعد في النهاية على تخريج كوادر متذوقة للفن هذا بالإضافة إلى مبدعين ينضمون إلى كتيبة الفنانين , ويجب على الحكومة الجديدة إدراج ميزانية لبناء عدة مسارح في المدن الجديدة مجهزة على أحدث تقنية فيجب أن يهتم المسئولون بالمسرح مثل اهتمامهم بالصحة والتعليم وفى النهاية أتمنى أمنية شخصية وهى أن أقوم بإخراج عمل مسرحي ضخم يضم فنانين من كافة الدول العربية لكي يصلح ما بيننا كعرب وينجح فيما فشلت فيه السياسة .
بصراحة.. هل ترى أن هجرتك إلى الكويت في بداية السبعينات قد أضرتك أم كانت في صالحك ؟
بالتأكيد كان لها بعض التأثيرات السلبية على مشواري الفني في مصر فقد قمت ببطولة فيلم "يوميات نائب في الأرياف" عام 68 , والذي يعد واحدا من أفضل مائة فيلم أنتجتها السينما المصرية وشاركت أيضا في عدد من الأفلام السينمائية مثل "الحب والصمت" وليل وقضبان" ثم سافرت إلى الكويت وظللت بها لأكثر من عشرون عاما وعندما عدت كانت فرصتي قد تلاشت في السينما , وينطبق نفس الأمر على المسرح فلو أنني تابعت مسيرتي المسرحية في مصر لأصبح لي شأن آخر ولكنني أحمد الله على كل حال وأفتخر بأنني ساهمت في خروج العديد من الفنانين الكويتيين الذين تتلمذوا على يدي .
وأخيرا ماهى رؤيتك للو ضع القائم في مصر حاليا وما هي نصيحتك لشباب ثورة 25 يناير ؟
أتمنى أن تتحقق الثورة بكل أبعادها , فحتى الآن مازلت قلقا من فلول النظام القديم واستغلالهم للفقراء في القيام بثورة مضادة وهى "ثورة الجياع" ولن تستطيع الحكومة أن تتصدى لها فهي مثقلة بالعديد من المشاكل التي تحاول أن تجد لها حلولا التي ينبغي علينا إعطائها الفرصة لتنجح في مهمتها الصعبة للحفاظ على تلك الثورة المذهلة التي حققها الشباب النقي والتي قال عنها اوباما أنها ثورة ملهمة والحقيقة أنني أرى أن الشعب المصري أشبه بالتلميذ الذي مر بمراحل التعليم المختلفة بدءا من الحضانة إلى الإبتدائى وهكذا حتى تخرج من الجامعة فحضارتنا والثورات التي مرت علينا مثل ثورة 1919 وثورة23يوليو أعطتنا نضجا وجعلتنا نتمرس على معنى الحرية وأنا متفائل وأحمد الله أن أعطاني العمر لأرى ثورة 25 يناير .
بامفلت : "بلقيس" إنتاج المسرح القومي، تأليف محفوظ عبد الرحمن، إخراج أحمد عبد الحليم، بطولة رغدة، أحمد سلامة، مفيد عاشور، أحمد عبد الوارث، شادي سرور، محمود زكي، رحاب الغراوي، مازن الغرباوي، زينب وهبي، نهير أمين، صبري عبد المنعم، عهدي صادق، ديكور صلاح حافظ، موسيقى هيثم الخميسي، تصميم الاستعراضات د. عاطف عوض، أشعار د.مصطفى سليم، ملابس نعيمة عجمي .